شخص يسير بسيارته سيراً عادياً , وتعطلت سيـــــارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة . ترجّل من سيارته لإصـلاح العطل في أحد العجلات وعندما وقف خلف السيارة لكي ينزل العجلة السليمة . جاءت سيارة مسرعة وارتطمـــــــــت بـــه من الخلف .. سقط مصاباً إصابات بالغة .
يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق : حضرت أنا وزميلي وحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصال بالمستشفى لاستقباله شاب في مقتبل العمر .. متديّن يبدو ذلك من مظهره . عندما حملناه سمعناه يهمهم .. ولعجلتنا لم نميز ما يقـــــــول , ولكن عندما وضعناه في السيارة وسرنا .. سمعنا صوتاً مميزاً إنه يقرأ القرآن وبصوتٍ ندي .. سبحان الله لا تقول هــــــــــذا مصاب .. الدم قد غطى ثيابه .. وتكسرت عظامه .. بل هـــــوعلى ما يبدو على مشارف الموت .
استمرّ يقرأ القرآن بصوتٍ جميل .. يرتل القــــــــرآن .. لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة . أحسست أن رعشة ســـرت فيجسدي وبين أضلعي . فجأة سكت ذلك الصوت .. التفــــت إلى الخلف فإذا به رافعاً إصبع السبابة يتشهد ثم انحنى رأســه قفزت إلي الخلف .. لمست يده .. قلبه .. أنفاسه . لاشيء فارق الحياة .
نظرت إليه طويلاً .. سقطت دمعة من عيني..أخفيتــــها عنزميلي.. التفت إليه وأخبرته أن الرجل قد مات.. انطــــــــــلق زمــيلي في بكاء.. أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف.. أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثر.
وصلنا المستشفى.. أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الرجــل.. الكثيرون تأثروا منالحادثة موته وذرفت دموعهم.. أحدهـم بعدما سمع قصة الرجل ذهب وقبل جبينه.. الجميع أصروا على عدم الذهاب حتى يعرفوا متى يُصلى عليه ليتمكنوا من الصلاة عليه.اتصل أحد الموظفين في المستشفى بمنــــــــزل المتوفى.. كان المتحدث أخوه.. قال عنه.. إنه يذهب كل اثنين لزيارة جدته الوحيدة قي القرية.. كان يتفقد الأرامل والأيتام.. والمساكين.. كانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتـــب والأشرطة الدينية.. وكان يذهب وسيـــــــارته مملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين..وحتى حلوى الأطفــال لا ينساها ليفرحهم بها..وكان يرد على من يثنيه عن الســــــــفر ويذكر لهطول الطريق..إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته.. وسماع الأشرطة والمحاضرات الدينية.. وإنني أحتسب عند الله كل خطوة أخطوها..
من الغد غص المسجد بالمصلين .. صليت عليه مع جموع المسلمين الكثيرة .. وبعد أن انتهينا من الصلاةحملناه إلــــى المقبرة .. أدخلناه في تلك الحفرة الضيقة ..
استقبل أول أيام الآخرة .. وكأنني استقبلت أول أيام الدنيا *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق