فقال لها :تفضلي. اخبريني ماذا تريدين ??
قالت له :بصراحة اريد ان تحضر لي قرآنا اريد قراءته ..اعلم ان شيخ القرية لا يرضى بذلك ولا يدع اي فتاة تقرأ فيه وهو فقط من يتلو آياته ويشرحها ولكن الفضول اثارني لاعرف ماذا يحتوي هذا الكتاب ..اويكون هذا الشيئ حراما ايضا ??
قال لها ضاحكا: بالرغم من صغر سنك الا انك اذكى فتاة رايتها في هذه القرية ..لا هذا الشيئ ليس حراما واي شخص يحق له التعرف على دينه بنفسه ..ولكن لايمكنك فقط الاكتفاء بقراءة هذا الكتاب لان بعض آياته تحتاج الى التفسير ..ساحضر لك كتابا يحتوي على التفاسير ايضا ..ولكن احذري جيدا ان عرف شيخ القرية ستكون نهايتنا انا وانتِ ..
فقالت له :لا عليك ،ياليتني ولدت في المدينة لكانت هذه الامور اسهل علي بكثير ..
قال لها :القضية ليست قضية المدينة او القرية ،ولكن يبدو ان هذا الشيخ يريد الاحتفاظ لتفسه بهذه الامور لان مصلحته تقتضي ذلك والا فان الشرع والدين والعرف لا يحرم ذلك ابدا ..
قالت له :اشكرك على هذه المغامرة واتمنى ان لا يكشفنا احد ..
وفي اليوم التالي احضر لها ما طلبته منه ..وكانت هذه المرة من اكثر المرات فرحا لانها واخيرا ستعرف ما هو اللغز الذي لا يرضى شيخ القرية حله امام احد ..
وامسكت الكتاب وبدأت تتصفح آياته وطبعا كعادتها كانت تنتظر ان تنام امها حتى تاخذ راحتها اكثر ..وبقيت طوال الليل تقرا فيه ..ولم تشعر باي تعب او ملل وكان شيئا جديدا ثمينا قد دخل حياتها ..يا لروعة هذا الكتاب وما اجمل السكينة التي شعرت بها وكانه سحر سحر لها قلبها وعقلها ..ولم تذهب في اليوم التالي الى النهر بل كانت تنتهز اي فرصة ليلا او نهارا لتحمل الكتاب بيديها وتقرا به ..وبقيت على هذه الحال فترة من الزمن ونسيت ان تذهب الى النهر علها تجد الاستاذ وتشكره على هذه المساعدة الرائعة ..وشعرت كانها تكتشف العالم من جديد ..واتضح لها ان اكثر القوانين الموجودة بالقرية لا تمت الى الدين باي صلة ..ومن ناحية اخرى عندما لم تحضر نجمة الى النهر خشي جاد ان يكون قد اكتشف امرها اي احد ..ولكنه لم يلحظ اي تغيير في ارجاء القرية والوضع كان عاديا جدا ..وتساءل بينه وبين نفسه :ايعقل ان يكون احد قد اكتشف امرها وعاقبها شيخ القرية ..او ان اهلها عرفوا وحبسوها في المنزل ??ولكنه لم يسمع اي شيئ غريب اطلاقا ..
واخيرا قرر الذهاب الى منزل اهلها باي حجة ليطمئن عليها ..
فبعد انتهاء دوام المدرسة ذهب الى القرب من منزلها وبدأ يراقب عن كثب ..فوجد امراة ورجل يعملان في البستان خارجا ..فاقترب منهما وقال لهما :السلام عليكم ..انا اعمل استاذا وادرس في المدرسة الموجودة بالقرية ..وشعرت بالعطش فهل لي بشربة ماء من فضلكم??
قال له الرجل :على الرحب والسعة ..
وطلب من زوجته ان تحضر له كوبا من الماء ..فقال جاد :عافاك الله ..اليس لديك اي اولادك يساعدونك في العمل ??
فابتسم الرجل وقال :ليس لدي الا بنت واحدة وانا لا احب ان اتعبها كثيرا فقلما تعمل معي ..
قال جاد :شيئ جميل حفظها الله لك ..
وبينما هما يتحادثان سمعا صوت نجمة وهي تنادي والدها ..فالتفت جاد ورآها فاطمان قلبه ..وعندما راته شعرت بالقلق ..وتقدمت من والدها وقالت :انا آسفة يا ابتِ لم اكن اعلم ان لديك ضيوفا ..
قال لها :انه استاذ المدرسة ..
فنظرت اليه وفهمت انه لم يحدث اي مكروه انما اتى ليطمئن عليها ..
فقالت لوالدها :حسنا استاذنكما فانا ذاهبة الى منزل صديقتي ولن اتاخر ..
قال والدها رافقتك السلامة وما هي الا لحظات حتى احضرت زوجته كاس الماء فشرب وشكرهما ثم استاذن ولحق بنجمة ..فقال لها :ما سبب هذا الغياب يا نجمة ??..
قالت له :انا آسفة ولا استطيع الوقوف معك كثيرا لئلا يلحظ احد من اهل القرية هذا ..بصراحة لقد غصت بالكتاب الاخير التي احضرته لي انه رائع جدا ...وتعلمت اشياء كثيرة منه ..
فضحك جاد وقال :نعم انه كتاب قيم ويحتوي على كل التعاليم فضلا عن قصص الانبياء ..
قالت له :كلما قرات به شعرت بالعطش الى الغوص به اكثر واكثر ..يا الهي ان هذه القرية تعيش في ظلمة كبيرة ..
قال لها :نعم هذا صحيح وآمل ان اراك من فترة لاخرى ان احتجت لاي شيئ فانا جاهز لمساعدتك ..
فشكرته واستاذنت منه وانصرفت ..وعندما عادت الى منزلها شعرت بالشوق الى كتابها الثمين وبدأت تقرا به ..واستمرت على هذه الحال حوالي الثلاث سنوات واستطاعت خلال هذه المدة ان تحصل مستوى عال من العلم ..وكانت كلما سمعت الناس يتحدثون عن كلام شيخ هذه القرية تيقنت اكثر انه لا يقول الحقيقة دائما ..
وبعد ان بلغت سن الثامنة عشر اصبحت فتاة جميلة مؤهلة للزواج ..فضلا عن علمها الذي لا يعلم به اي شخص ..
وذات يوم جاءتها امها بالبشرى وقالت لها: اسمعي ماذا حدث اليوم يا نجمة ..
قالت نجمة :خير يا امي وما هو سر ابتسامتك .??
ترى ما الذي يسعد امها الى هذا الحد هذا ما سنراه في الجزء القادم ان شاء الله ..